يقف لبنان في مرتبة متأخرة بين الدول العربية بالنسبة إلى مشاركة المرأة في العمل السياسي، في ظل انحصار فرصة وصول النساء إلى البرلمان بأربع فقط في انتخابات السابع من يونيو/حزيران، في بلد يعتبر نفسه رائدا في مجال حقوق المرأة في المنطقة.وتقول أستاذة علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية فهمية شرف الدين "المجتمع اللبناني ذكوري أكثر مما نحب أن نقر به"، مضيفة "تطلب منا الأمر 50 عاما لنصل إلى نسبة 4,7% من التمثيل النسائي في البرلمان، ولا يمكنني أن أتخيل كم من الوقت سنستغرق للوصول إلى المساواة".وحصلت النساء في لبنان على حق التصويت منذ أكثر من خمسين عاما. وتشغل ست نساء حاليا مقاعد في البرلمان، في وقت تشهد الدول المجاورة ارتفاعا سريعا في مشاركة النساء في العمل السياسي، ووصولهن إلى مقاعد برلمانية ووزارية.
وبلغ عدد المرشحات رسميا إلى الانتخابات النيابية، بعد انتهاء مهلة سحب الترشيحات، اثنتي عشرة امرأة من 587 مرشحا، فيما تشير التحليلات إلى وجود فرص حقيقية لأربع منهن فقط لدخول البرلمان المؤلف من 128 مقعدا.وثلاث من النساء الأربع يشغلن مقعدا نيابيا حاليا، وهن: ستريدا جعجع، زوجة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وبهية الحريري، شقيقة رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري من الأكثرية، وجيلبرت زوين ابنة نائب سابق من المعارضة.أما الرابعة فهي المرشحة الشابة نايلة تويني، ابنة النائب والصحافي جبران تويني، الذي اغتيل في ديسمبر/كانون الأول 2006، والتي تدعم ترشيحها كذلك الأكثرية.فيما امتنعت النائبتان الحاليتان نايلة معوض وصولانج الجميل عن الترشح في هذه الدورة، إفساحا في المجال لابنيهما ميشال معوض ونديم الجميل.وبالتالي، فإن معظم النساء اللواتي يخضن العمل السياسي يأتين إليه عبر الوراثة السياسية.في المقابل، في الكويت مثلا، فازت هذا الشهر أربع نساء من 21 مرشحة بمقاعد برلمانية، وفي سوريا يبلغ عدد النساء في مجلس الشعب حاليا 31 من 250. كما يحدد القانون العراقي بـ25% الحصة النسائية في البرلمان.وتخوض المرشحات الأخريات في لبنان المعركة مستقلات، من دون دعم من أحزاب أو تيارات بارزة.وتقول تيريز رزق الله، العقيد السابق في الأمن العام والمرشحة إلى الانتخابات، "ليس هناك عدل في التمثيل النسائي في لبنان".وتضيف تيريز رزق الله، وهي أم لولدين، أنها تخوض المعركة من أجل جميع الذين لا يملكون أي دعم سياسي، وخصوصا من أجل النساء.وأضافت "لا أريد أن يقلل أحد من قيمة النساء في وطني، البلد المتطور، حيث النساء لا زلن مهمشات".وتابعت "وصلت إلى رتبة عقيد بقدراتي الخاصة، وترشحي إلى الانتخابات وسيلة لإسماع صوتنا".وتعتبر نايلة تويني -26 عاما- أصغر مرشحة بين النساء والرجال إلى مجلس النواب، وتملك حظوظا كبيرة في الوصول، على رغم المعركة الحامية التي ستجري في دائرتها الانتخابية في بيروت.وتقول نايلة تويني، في مكتبها في جريدة "النهار"، التي تملكها عائلتها، وحيث تنتشر في كل مكان صور والدها الراحل، إن على النساء أن يشجعن أخريات على المشاركة بفاعلية في العمل السياسي.وتضيف "هناك نساء وصلن بقدراتهن الخاصة، لكن صحيح أيضا أن معظم النساء، بنات أو زوجات، يصلن إلى البرلمان في ثياب الحداد". وتضيف "آن الأوان ليكون عدد النساء أكبر في البرلمان".في 2005، وضعت لجنة من الخبراء والاختصاصيين مسودة مشروع قانون للانتخابات اقترح تحديد حصة المشاركة النسائية بـ30%، إلا أن القانون لم يقر في مجلس النواب.وإذا كانت النساء اللبنانيات حصلن على حق الاقتراع في 1953، فإنهن لم يحصلن على حق السفر من دون إذن أزواجهن قبل 1974.وبعد عشر سنوات من ذلك، أقر قانون آخر يسمح لهن بإنشاء مؤسسة تجارية خاصة بهن من دون موافقة أزواجهن. ولا يحق للمرأة أن تمنح الجنسية لأولادها.وترى شرف الدين، الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، أنه لا يزال أمام لبنان طريق طويل قبل تخطي تقاليده التي تضع الرجل في مرتبة متقدمة.وتقول "يعاني لبنان من حالة انفصام مع واجهة من الحداثة تنعكس في المظاهر، بينها مثلا الفتيات اللواتي يتنقلن بملابس وكأنهن يعشن في أوروبا".وأضافت أن اللبنانيات يمارسن واجباتهن كاملة كمواطنات، لكن تنقصهن الحقوق. وتابعت "في هذا المعنى، المرأة اللبنانية مواطنة من الدرجة الثانية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق