تأسست حركة فتح -وهي رمز لحركة التحرير الفلسطينية "حتف"، وإذا ما قلبت كانت "فتح"- في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات إثر العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 واحتلال إسرائيل قطاع غزة، إذ أيقن الفلسطينيون أهمية الاعتماد على أنفسهم في مقاومة إسرائيل. فتأسست خلايا هذا التيار سرا في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات في سوريا ولبنان والأردن ودول الخليج العربي حيث يعمل الفلسطينيون. وما لبثت هذه الحركة أن أصدرت عام 1959 حتى نوفمبر/تشرين الثاني مجلة شهرية باسم "فلسطيننا" دعت إلى كيان فلسطيني مستقل عن الأنظمة العربية ورفض الوصاية العربية على الشعب الفلسطيني، نافية أن يكون الكيان الخاص شرذمة للعمل العربي ومؤكدة أنه تعبئة لشعب فلسطين المشتت.
ويرجع أساس فكرة إنشاء الحركة، كما يقول أحد قادتها، إلى تجربة "جبهة المقاومة الشعبية"، ذلك التحالف القصير الأجل بين الإخوان المسلمين والبعثيين أثناء الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة عام 1965. ويشير سليم الزعنون العضو المؤسس في الحركة إلى أن تلك التجربة القصيرة كانت مسؤولة عن وضع جنين الحركة حيث اجتمع نحو 12 شخصا من أعضاء جبهة المقاومة الشعبية في غزة ووضعوا خطة لتنظيم جبهة في فلسطين كانت فتح هي صورته النهائية عام 1961 نتيجة -كما يقول صلاح خلف- لتوحيد معظم المنظمات الفلسطينية الخمس والثلاثين أو الأربعين التي كانت قد نشأت في الكويت نشوءا عفويا واندماجها في منظمة كانت قائمة في كل من قطر والسعودية ويقودها محمود عباس (أبو مازن) ومحمد يوسف النجار وكمال عدوان الذين أصبحوا أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، وقد قتل الأخيران على يد قوة إسرائيلية في بيروت عام 1973.
النشأة
شرعت فتح تنشئ قواعدها في الجزائر عام 1962، وفي سوريا عام 1964، حتى استكملت جناحها العسكري "العاصفة" وتوسعت إلى مئات الخلايا على أطراف دولة إسرائيل في الضفة الغربية وغزة وفي مخيمات اللاجئين في سوريا ولبنان، بل في الأميركتين. بدأت الحركة كفاحها المسلح عام 1965 واستمرت في نشاطها العسكري على الرغم من الطوق الذي كانت تفرضه عليها الدول المجاورة لإسرائيل. وفي نهاية عام 1966 ومطلع عام 1967 ازدادت العمليات العسكرية التي كانت تنفذها العاصفة الجناح العسكري للحركة، الأمر الذي دفع وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك إلى الاعتراف بشدة عمليات حركة فتح العسكرية. واضطلع ياسر عرفات بتدعيم جهاز فتح السري وتوسيعه وبناء الخلايا العسكرية الجديدة في الضفة الغربية في 30 يونيو/حزيران 1967. وانهالت على الحركة المساعدات العسكرية والمادية بعد حرب الكرامة من الدول العربية والأجنبية ولقيت التأييد في مؤتمر القمة العربي الخامس المنعقد في الرباط عام 1969.
نتيجة لظهور حركة فتح وتوسعها اندمج فيها العديد من التنظيمات الفلسطينية الصغيرة مثل: منظمة طلائع الفداء لتحرير فلسطين (فرقة خالد بن الوليد) في 7 سبتمبر/أيلول 1968، وجبهة التحرير الوطني الفلسطيني في 13 سبتمبر/ أيلول 1968، وجبهة ثوار فلسطين في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1968، وقوات الجهاد المقدس في 12 يونيو/ حزيران 1969. وأصبحت جميع هذه المنظمات تمثلها قوات "العاصفة".
مبادئ الحركة
1- فلسطين جزء من الوطن العربي، والشعب الفلسطيني جزء من الأمة العربية، وكفاحه جزء من كفاحها.
2- الشعب الفلسطيني ذو شخصية مستقلة، وصاحب الحق في تقرير مصيره، وله السيادة المطلقة على جميع أراضيه.
3- الثورة الفلسطينية طليعة الأمة العربية في معركة تحرير فلسطين.
4- نضال الشعب الفلسطيني جزء من النضال المشترك لشعوب العالم في مواجهة الصهيونية والاستعمار والإمبريالية العالمية.
5- معركة تحرير فلسطين واجب قومي تسهم فيه الأمة العربية بكافة إمكاناتها وطاقاتها المادية والمعنوية.
6- المشاريع والاتفاقات والقرارات التي صدرت أو تصدر عن هيئة الأمم المتحدة أو مجموعة من الدول أو أي دولة منفردة في شأن قضية فلسطين والتي تهدر حق الشعب الفلسطيني في وطنه باطلة ومرفوضة.
7- الصهيونية حركة عنصرية استعمارية عدوانية في الفكر والأهداف والتنظيم والأسلوب.
8- الوجود الإسرائيلي في فلسطين غزو صهيوني عدواني قاعدته استعمارية توسعية، وهو حليف طبيعي للاستعمار والإمبريالية العالمية.
9- تحرير فلسطين والدفاع عن مقدساتها واجب عربي وديني وإنساني.
10- حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) حركة وطنية ثورية مستقلة، وهي تمثل الطليعة الثورية للشعب الفلسطيني.
11- الجماهير الثائرة التي تضطلع بالتحرير هي صاحبة الأرض ومالكة فلسطين.
بعد أوسلو التوقيع على إعلان واشنطن الذي تلا اتفاق أوسلو 1993
بعد أن حزمت حركة فتح أمرها وقررت السير في خط المفاوضات، أدخلت تعديلات على ميثاقها الوطني فحذفت البنود المتعلقة بإزالة إسرائيل من الوجود وما يتعارض مع اتفاق أوسلو وجاء هذا التوجه واضحا في الخطاب الذي أرسله ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية إلى إسحق رابين قبل توقيع اتفاق أوسلو تعترف فيه المنظمة بإسرائيل وحقها في العيش في أمن وسلام، ويؤكد فيه التزام المنظمة بالعمل السلمي لحل الصراع بين الجانبين ونبذ الإرهاب، وإلزام جميع عناصر المنظمة بذلك حيث قال في خطابه: "وفي ضوء إيذان عصر جديد والتوقيع على إعلان المبادئ وتأسيسا على القبول الفلسطيني بقراري مجلس الأمن 242 و338، فإن منظمة التحرير تؤكد أن بنود الميثاق الوطني الفلسطيني التي تنكر حق إسرائيل في الوجود وبنود الميثاق التي تتناقض مع الالتزامات الواردة في هذا الخطاب، أصبحت الآن غير ذات موضوع ولم تعد سارية المفعول، وبالتالي فإن منظمة التحرير تتعهد بأن تقدم إلى المجلس الوطني الفلسطيني موافقة رسمية بالتغييرات الضرورية فيما يتعلق بالميثاق الفلسطيني".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق